هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قوة الحق يرفعها صوت المؤذن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسامة




عدد المساهمات : 11
النقاط المكتسبه : 33
تاريخ التسجيل : 27/04/2009

قوة الحق يرفعها صوت المؤذن Empty
مُساهمةموضوع: قوة الحق يرفعها صوت المؤذن   قوة الحق يرفعها صوت المؤذن Icon_minitimeالجمعة مايو 08, 2009 6:36 am

قوة الحق يرفعها صوت المؤذن

خرج سكان بغداد اشتاتا ، وفرادى ، وقرانى ، يقضون حوائجهم ، يبيعون ويشترون ، وكان ذلك زمن الخلافة العباسية . وبينما هم مشتغلون في أعمالهم
إذا بصوت يخترق أذانهم ، صوت رجل يبكي بكاء الثكلى ، ويصيح بأعلى صوته ، أيها المسلمون .. عباد الله .. هلموا إلي ، واسمعوا قصتي مع الزمن
، قصة مظلوم نبأ به الدهر ، ولم ينصفه الزمن ، وأقبل إليه الناس يستطلعون خبره ، فرأوا رجلا أشعت ، أغبر ، يبكي بدموع غزار ، ويشكو ظلم الظالمين .. وقال : لقد كنت فقيرا ، محتاجا ، معدوما ، لا أكاد أجد شيئا أتقوت به أنا ، وأفراد أسرتي ، فقررت السعي طلبا للرزق الحلال فجست خلال البلدان ، أعمل و أشقى و أتاجر .. و دانت رحلتي في طلب الحلال أعواما طوالا خلتها قرونا طويلة . فأفاض الله علي من جوده شآبيب النعم ، و صرت من كبار التجار ، وسادة القوم .. و لكن لم أكد أتخلص من هموم الفاقة حتى ابتدأ الزمن ، يخيط لي محنا أخرى ، فقد سرى الى قائد شرطة بغداد داء الحسد .. فنصب لي حبائل مكره ، ودبر لي المكائد ، فأخذ مالي عنوة . فمن ينصفني ، و يأخذ لي حقي منه ؟ و لكن من إن سمع الناس القصة حتى طووا عنه كشحا .. وضربوا عنه صفحا خوفا من إنتقام قائد الشرطة . فقائد الشرطة رجل معروف بظلمه . رجل سارد في طغيانه ، وبغيه لا يخاف الله ، ولا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة ، يعيش و جنوده على السطو والسرقة ، و لم يجرؤ أحد أن يقف ضده ، فقد ضج الناس من مظالمه ، وبكت الأمة من شروره ، فالويل ثم الويل لكل من تسول له من نفسه أن ينبس ببنت شفة ، أو يترمرم بلفظة أمامه ، أو أمام جنده ، فمصيره مائة سوط تنزل على ظهره ، أو ربما مصيره السجن بتهمة الخروج على السلطان ، و المؤامرة ضد الخلافة . وغدا التاجر إلى القاضي ليرفع مظلمة ضد من ظلمه ، ولكن ما إن سمع القاضي الشكوى ، حتى أصابه الدهشة ، و انتابه الذهول ، و وجد في نفسه غير قادر أن يفعل شيئا ، وقال للتاجر أنصحك يا أخي أن تفزع إلى الله ، وتدعوه أن يخلصك من هذه المحنة ، فأنا عاجز كل العجز أن أفعل شيئا ، فاصبر . و خرج التاجر من عند القاضي مخذولا . باكي العينين ، لا يكاد يصدق ما يحدث و يمم وجهه شطر المسجد ، فجلس على عتبته ، فإذا برجل تقدمت به السن يقف بجانبه ، و يربت على كتفه ، و يقول له : ما بك يا عبد الله ، ومالي أراك حزينا ، مهموما ظ ، تحدث و أفصح عن بنات نفسك ، وذوات صدرك، فلعلي أقدم لك يد المساعدة ، فتعجب التاجر من أمر الشيخ ، و قال له : كيف تساعدني أيها الشيخ ... وأنت رجل لا حول لك ولا قوة ، وكيف يسمعك ظالمي ؟ و قد عجز قاضي القضاة أن ينصفني منه ، دعني أيها الشيخ و شأني ، أتريدني أن أتعلق بخيوط واهمة لا تسمن ولا تغني من جوع ، قال الشيخ : يا عبد الله دعك من الكلام ، وخذني إلى هذا الذي ظلمك ، و سترى بأم عينيك ، كيف أسترد لك حقك منه ، قال التاجر ضاحكا من سذاجة الشيخ : و الله إني لأراك رجلا مغرورا ، فالذي سلبني مالي و أخذ حقي ، أتدري من هو أيها الشيخ ؟ إنه رئيس شرطة بغداد ، قال : وما يضيرك إن ذهبت معك ؟ قال التاجر : كيف تلقى بنفسك إلى التهلكة ، و أنت لا تدرك مغبة المخاطرة بنفسك ؟ و إن هذا الرجل لا يرعوى لواعظ واعظ ، ولا يستمع لنصيحة ناصح ، و إني لمتأكد ، بأنه لا يعبأ بك ، بل مجرد أن يراك ، وبهذه الأثواب الرثة سيلقي بك في غياهب السجن ، أو ربما سيقتلك ، قال دعك من هذا الكلام الذي لا يجدي ... و هيا بنا ... قال التاجر في قرارة نفسه ، ماذا أخسر ؟ سأذهب مع الشيخ ، و سأرى بأم عيني ما يحدث ....
و صل الشيخ و التاجر دار الشرطة ، وما إن رأى رجال الشرطة الشيخ ، حتى أنتابهم الذهول ، وعقد الحصر ألسنتهم ، وقالوا بلسان واحد مرحبا بشيخنا الجليل ، حللت أهلا ، ونزلت سهلا ، ولما يا سيدنا الشيخ ، لم لم تخبرنا حتى نستعد للقائك لقاء يليق بمقامك ؟ ثم قال الشيخ : أين قائدكم ؟ قالوا في الداخل . قال : ادعوه إلي ،فلما رأى قائد الشرطة الشيخ حتى امتقع لونه ، وقال : شيخنا الجليل بنفسه ، بلحمه ، بعظمه ، يشرفنا ، فلم تجشمت كل هذا المشاق ؟فما كان عليك إلا أن ترسل إلينا فنأتيك ن فأنت أحرى أن تؤتى لمكانتك الرفيعة لا أن تأتي .
قال الشيخ : لا أريم مكاني حتى تعيد للرجل حقه ، و الآن ، فكيف تتجرأ أيها الرجل على ظلم الناس ، و تطمع في أموال ليست من حقك ؟ فلقد تماديت في أضاليلك . ألم تجد وسيلة أخرى تدر عليك المال إلا بالنهب . ويحك وهل آمنت مكر الله ؟ وماذا بعد المال ؟ و ماذا إن ملكت الدنيا كلها ؟ فهل تغني عنك من الله شيئا ؟ فأين قارون ، و أين فرعون و أين هامان ؟ ألم تقرأ قول الله تعالى : ( و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين ، مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم و أفئدتهم هواء ) .
ألم تسمع قول الشاعر :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ******* فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيناك و المظلوم منتبه ******* يدعو عليك و عين الله لم تنم
قال قائد الشرطة : كفى يا شيخنا الجليل ، فأنا طوع أمرك ، فكل ما تطلبه سيكون رهن إشارتك ، أرجو أن تعذرني ، وتعفو عن زلتي ، فلن أعود أبدا إلى ظلم الناس ما حييت . وتعجب التاجر غاية العجب من هذا الموقف .
وبعد أيام من هذه الحادثة هرع الرجل إلى المسجد ليشكر الشيخ و يجازيه عن موقفه ذلك ، فوجده جالسا في المسجد – يجلله الوقار – و تكسوه الهيبة . تقدم نحوه وسلم عليه ، وقدم له مائة دينار . ولكن الشيخ رفض العطية ، و اعتبر ما فعله واجبا يقتضيه الدين ... قال التاجر : أيها الشيخ الفاضل بقيا سؤال واحد يدور بخلدي ، ولم أجد له – إلى هذه اللحظة – تفسيرا قال الشيخ ما هو يا بني ؟ قال : كيف استطعت أن تسترد لي حقي من ذلك الظالم الذي عتا ، وتجبر و استأسد على الضعاف ؟ قال الشيخ : اعلم يا بني بأني مؤذن في هذا المسجد منذ سنين طوال ، زفي ذات يوم بينما كنت أنظف ساحة المسجد ، إذ بامرأة تصيح بأعلى صوتها و تبكي بكاء الثكلى تقدمت نحوها ، وسألتها ما بك يا أمة الله ؟ وماذا أصابك ؟ ولم تبكين ؟ قالت : أيها الشيخ الجليل , فأنا ابتليت بما تعجز عن حمله الراسيات ، فقد مشيت بغداد طولا وعرضا ، وجست خلال أحيائها حيا ، حيا ، باكية العينين ، حافية القدمين ، أشكو ظلم الظالمين ، ولم أجد من ينصفني . فالأبواب سدت في وجهي ، قلت من هؤلاء الذين ظلموك ؟ وكيف يتجرؤون على ظلم امرأة ضعيفة ، لاحول
لها ولا قوة ؟ قالت : إنه قائد شرطة بغداد وجنده سلبوا مالي ، وأخذوا داري ، فتأثرت كثيرا لحال المرأة ، وبكيت ، ولكن كيف أعيد لها حقها ؟ وأنا مجرد مؤذن فقير لا أملك من حطام الدنيا شيئا . فكرت كثيرا ، وبعد تفكير قررت على فعل شيء لم يسبقني إليه أحد ، وماذا لو أذنت ؟ وكان الوقت غير وقت صلاة فأذنت . وماهي إلا لحظات قلائل حتى استدعاني الخليفة ، وكان رجلا عادلا ، وقال لي : ما ذا دهاك أيها المؤذن ، ولم أذنت في وقت غير وقت صلاة ؟ قلت يا أمير المؤمنين ما كان لي أن أتجرأ ، وأفعل هذا ! ولكن لما رأيت سفينة الحق في بحر مضطرب الأمواج ، ورأيت ظلم الانسان لأخيه الانسان أذنت ، فهذا هو سلاحي الوحيد الذي أملكه ، قال ويحك أفصح ، ماذا تقول ؟ فأنا لم أفهم شيئا ، قلت يا أمير المؤمنين هل أفصح ولي الأمان ؟ قال نعم ، فحدثته عن أمر المرأة المسكينة ، فانتفض الخليفة كأنه الصقر ، وقال أيحدث هذا في بغداد وأنا لا أدري ! ويح قائد الشرطة وأتباعه . أبلغت به الجرأة أن يظلم الضعفاء ، ويستأسد على الرعية ؟ ويحه ! ثم أمر الخليفة بإعادة حق المرأة ، وإقالة القائد ، وشرذمته الظالمة ، ثم قال الخليفة : أيها المؤذن من هذه اللحظة ، كلما أحسست بظلم أرتكب في حق أي فرد من أفراد الأمة ، فأعلنها مدوية دون خوف ، أو وجل . وتلاشت أحلام الظلمة وحضدت شوكتهم ، وأصبح الناس في مأمن من شرورهم بفضل الدوي المبارك الذي أصبح هاجسا ، يقلق مضاجعهم ، ولم يعد هناك ظلم البتة . فالكل يخشى أن يؤذن في وقت غير وقت الصلاة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قوة الحق يرفعها صوت المؤذن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقسام العامة :: منتدى القصص و الروايات-
انتقل الى: